الخميس، 20 أغسطس 2009

كذب المثقفون ولو صدقوا



في اربعينيات القرن الماضي تبلورت مرحلة او مدرسه ثقافيه في عالمنا العربي في كنف عدة تيارات اسلاميه ومسيحيه ، فلا احد ينكر دور المسيحيون العرب في نقل الثقافه العربيه من مرحلة الى اخرى ، صاحب هذا التطور فكر سياسي عربي تمثل في القوميه العربيه وما حملته من افكار ومفاهيم جديده سعت من خلالها الى دعم وتأييد حركات التحرر العربي .. لنجد انفسنا في خضم العديد من الثورات الثقافيه والايديولوجيه التي تتبنى القوميه الوطنيه على حساب المجتمع المدني بشكل عام ..
نحن الان في الخمسينات واصبح تيار القوميه بثقافته المتمردة احد اهم اوجه الثقافه و الفكر العربي متغلبا بذلك على تيار الاعتدال السابق لتمر الستينات بنفس الارهاصات والمتغيرات ولنجد انفسنا وسط معمعة السبعينات من القرن الماضي ولعل السبعينات هي اهم فترة بالقرن الماضي حيث اصبح مفهوم الثورة مفهوما ناضجا وجاهز للتقديم على مائدة الطعام واصبح بمتناول الفكر الانساني ان يتعاطى مع هذا المفهوم منذ حدوث الثورة الفرنسيه قبله بقرنين من الزمان .
واذا بنا في عقد الثمانينات والذي شهد منعطفات خطيرة في تبلور الثقافه بمفهومها القومي والاقليمي والوطني للعقل العربي الذي اقل ما اقول عنه انه ( معاق) .
مع بداية التسعينات انهارت كل المفاهيم التي تربينا عليها وشربت لنا مع حليب امهاتنا غصباُ ، وقيل لنا حينها انتم خير امة اخرجت للناس بل اننا ورثنا عن امتنا الامجاد والبطولات والنبوغ في كل شيء وكان لنا في مشارق الارض ومغاربها سلطان وهيبة وصولجان ، لكن لم يفهومنا ان ذاك الزمن كان زمن امة الاسلام وليس امة العرب ، وهذه اكبر مغالطه تاريخيه او اجمل اكذوبه عشناها ردحا من الزمن .
مايهمني هو امة العرب وبلاد العرب اوطاني .. نعم هكذا علمونا
فبلاد العرب اوطاني كانت من اعظم الامم بل افضلها ولولاها لضاع الارث العلمي والادبي العالمي فنحن من نقلناه وطورناه ثم بعد ذلك رجعنا الى بيوتنا واقفلنا الابواب وغططنا في سباة عميق وتركنا الاوربيين ياخذون عنا حملنا وينعموا به ، هذا ماحدث بكل بساطه مع التذكير ان قصدي بكلمة نحن هي امة العرب وليس امة الاسلام .. وهنا اوقعوني بالمغالطه مثلهم ( سامحهم الله ،، مثقفونا،، )
وكما نعرف ان الكثير الكثير من علماء وادباء وفلاسفة الامة لم يكونو عربا انما عجم او عرب عاربه مستعربه ان صح القول ولكن مثقفونا قالوا لنا ان امة العرب كذا وكذا .
مع بداية التسعينات اكتشفت انهم قد ضحكوا عليا ردحا من الزمن ليس بالقليل بل الحق يقال انني تأكدت من انهم قد فعلوها بي
فمنذ ان بدأت افرق ما بين الخيط الابيض والاسود ادركت انني اعيش اكذوبه جميله يتمثل فحواها بأنني حفيد امة عريقة نبيلة كريمه شجاعه برعت فيما لم يبرع فيه غيرها من الامم بل لها الفضل فيما عليه العالم الان وكلنا قد سمع بمثل هذه الخزعبلات والتي لا اجد وصفا لها الا بأنها هراء مخفوق بالترهات فنحن ما نحن عليه والايام دول ولن يجدينا نفعا ان قلنا ما ليس نحن عليه ولا يكفينا ان ننظر للوراء لنعرف من نحن ومن سنكون والى اين سائرون ، بل لن يجدينا نفعا ان بقينا نعيد نفس الاكاذيب على اجيالنا القادمه فأنظروا الى النتيجه الان .. الآ من يتعظ ..؟؟درست على ايدي كثير من المدرسين العرب ومن مختلف بلاد العرب اوطاني ( مصر ، سوريا، لبنان، فلسطين، الاردن ، تونس، الجزائر ، المغرب، السودان ، ليبيا، العراق ، اليمن ، موريتانيا) .. هل تعلمون بماذا كانو يتفاخرون ؟؟ ليس بماض الامه العريق ولا بتراثها الغناء بل كانو يتفاخرون فقط ببلدانهم أي بجنسيات بلدانهم وصدقوني كان كل استاذ يرى ان بلاده او شعب بلاده افضل شعب عربي عن غيره من شعوب امة العرب وكلنا يعرف ان ما من مواطن عربي من بلد عربي الا ويرى ان لهجة بلاده هي الاقرب الى اللغة العربيه الفصحى وان شعبه هو الشعب العربي الاصيل وهو الشعب العربي المدافع عن قيمها وممتلكاتها .. هذا اذا بقى منها شيئا ، اصلا لو وجدت من الاساس
وهذا امر شائع بين كل شعوب الامه فجميلة هي اختلافاتنا والاجمل هي كراهيتنا لبعضنا واحتقارنا لغيرنا من ابناء هذه الامه بل كل شعب منا ينعت غيره بالجهل والمرض
الا ان المتطرف والمثير للضحك ان حكامنا متطرفون بوصف بعضهم البعض فحاكم ما يصف غيره بالعماله والاخر يصف الاخر بالرجعيه وغيره يصفه بالخيانه وهلم جرا
ونحن المساكين نردد وراء حاكمنا فكلامه اصدق انباء من الكتب
بل سبق ودرسنا بمدارسنا ان حاكمنا هو صاحب الفضل علينا ولولاه لبقينا في الجهل والعوز ولولا فكره النير لما قامت لنا قائمه
اين مثقفونا من هذا كله ؟؟
هنا مربط الحمار .. اجل الحمار فمثقفنا قد روى لنا قصة اسمها التقليد الاعمى .. فحواها ان حماران كان احدها يحمل ملح والاخراسفنج فما كان من حمار الملح الذي يئن تحت وطأة حمله ان يسبح في بركة الماء كي يذوب الملح ويخف حمله ، فإذا به قد تفوق على الحمار الاخر الذي بات هو من يئن بحمله بعد ان سبقه الاخر بالسير وتركه خلفه ، فما كان منه الا ان قرر ان يسبح في البركه ليخفف وزنه .. فكان ما كان .. و امتص الاسفنج الماء
هكذا فعل مثقفونا فيما بينهم فبات يقلدون بعضهم بعضا
فباقة الاوائل منهم قد اخذو عن غيرهم ما اخذو وهضموا فكار غيرهم واجتروها مرارا وتكرارا وقدموها لنا كفكر جديد وماهي الا افكار غيرهم من فلاسفة الامم ولكن بتوابل عربيه ولا عيب في ذلك وانما العيب فيما فعله من جاء بعدهم فكررو نفس الفعله
وهنا اعود الى تيار القوميه الذي رضعنا افكاره على الاقل هنا في بلادي وشربنا معه تاريخ الامه العريق المزعوم ، فمثقفونا سامحهم الله كانوا ابواق ينفخ فيها ثوار هذه الامه واي ثوار ؟ انهم الثوار الذين ضحوا من اجل هذه الامه المزعومه .. وبماذا ضحوا ؟ بثروات هذه الامه نهبا وفسادا واصبحوا ابطالا نهتف ونهلل بحياتهم وننادي الرب ان يطيل بأعمارهم الى درجه اننا بتنا لانصدق انهم سيموتون يوما ما بل من المستحيل انو يموتوا ، فكيف لهم ان يموتوا ويتركونا لوحدنا ؟؟ كلا لن يتخلوا عنا فهم الامه والامه هم .
اين مثقفونا ؟؟ انهم يكتبون الاشعار والادب وينثرون الكلم يمينا وشمالا على مسامع ثوارنا وابطال قوميتنا ، ونحن نردد اشعارهم ونقسم ان لم يخلق مثلهم في البلاد
عندما مات مغني غربي اسمه مايكل جاكسون قال لنا مثقفونا : كيف لكم ان تشعرون بالحزن على وفاته ، فهذا الرجل قد فعل وفعل وارتكب وما ارتكب .
يا مثقفونا اليس اكبر شعراءنا وادباءنا قد فعلو وفعلو ؟ هل نحاكم الاشخاص بما قدموه او بما فعلوه ؟ والله ان ما يفعله فنانونا وادباءنا وشعراءنا اشد والعن من ما فعله ذاك المغني .
هل تعرفون المتنبي ؟ كلنا يعرفه طبعا .. الم يكن يحابي ويمدح على حساب نفسه وشعره ؟ الم يكن يقرض الشعر ليكون محظيا وينال ما ينال من المال والجاه في بلاط الملوك ؟ هل فعل ذلك ذاك المغني الغربي الذي لعنه مثقفونا ؟
اذا كان شاعرنا بدون كرامه فلما ننكر على غيره من له كرامه ؟
ما رائيكم في شاعر يمتهن الشعر ليحقق مكسبا ماديا ؟ يوجد شعراء في عصرنا هذا يمتهنون هذه المهنه وللعلم اننا نقراء لهم ونردد اشعارهم ودائما نراهم يمدحون فلانا ويتغنون بصفات فلان وكلنا يعلم ان فلان ماهو الا طاغية و طاغوت ، طبعا سيقول لي البعض ليس كلهم ، بل جلهم هكذا الا ما رحم ربي .
ومثقفونا اين انتم يا من وضعتم مناهجنا وكتبنا المدرسيه ، اين انتم يا من تزعمتم الحركه الادبيه في بلاد العرب او طاني . انظروا الى حالنا وما وصلنا اليه من بعد ان تبعناكم واسلمنا لكم القيد ، امة البعبع هذه هي امتنا ، امة لا يتردد ابناءها بركوب الامواج ليش شجاعة وانما مدفوعون باليأس والامل بالوصول الى امم اخرى يجدون فيها حياة كريمه ، امة لاتتردد شاباتها من بيع لحمهن لليهود في اوربا لتحصل على حفنة من اليورو ، امة لا يمانع فيها شعبها من اشاعة الفرحه والتهليل لزوال احد حكامها من قبل امة اخرى ، امة لاتجد فيها من يحيا بكرامه .
ومثقفونا يتشدقون بالفلسفة البرجوازيه التي لايفقه فيها من كان همه الصباحي هو الحصول على صحن فول مع خبز قد تم خبزه من قمح هو اصلا عطية من امة اخرى مقابل بيع الامة لذمتها .
هل تسمحون لي ان اغني : مكتوب اسمك يابلادي ..!!
كم جميلا لو بقينا جاهلون فصدق من قال ان الجهل نعمه ولكن سامح الله قادتنا المتنورين فهم من علمونا و ادبونا وقد افسدوا تأديبنا .
وافسدوا مثقفونا ..
عند انتهاء المعركه ينتاب المقاتل شعورا من اثنين .. اما الشعور بالعار او الشعور بالفخر
نحن نشعر بالعار يا سادتنا المثقفون .

هناك تعليقان (2):

  1. حلمت طويلا ببلد تسمى بلد العرب لونتها بالنور تاره وتاره اخرى بلون الزهر ولم اكن ادري بان بلاد العرب كا قوس قزح سراب يزين السماء كمجد العرب........... مي

    ردحذف
  2. لا عليك .. نحن العرب نتقن فن الكلام والبلاغه، وايضا فن الصمت ، اما احلامنا فهي مشوهة ولا نحلم الا ما يراد لنا ان نحلم به.
    مي .. ما اعذب حلمك وما امر طعم الحقيقه .

    ردحذف